الباب الاوّل : فى البيان
قال الصّادق - عليه السّلام -:
نجوى العارفين تدور على ثلاثة اصول : الخوف ، و الرّجاء، و الحبّ.
فالخوف فرع العلم ، والرّجاء فرع اليقين ، والحبّ فرع المعرفة . فدليل الخوف الهرب ، و دليل الرّجاء الطّلب ، و دليل الحبّ ايثار المحبوب على ما سواه .
فاذا تحقّق العلم فى الصّدر خاف ، و اذا صحّ الخوف هرب ، و اذا هرب نجا، واذا اشرق نور اليقين فى القلب شاهد الفضل ، و اذا تمكّن منه رجا، واذا وجد حلاوة الرّجاء طلب ، واذا وفّق للطّلب وجد.
واذا تجلّى ضياء المعرفة فى الفؤ اد هاج ريح المحبّة ، و اذا هاج ريح المحبّة اشتاءنس فى ظلال المحبوب وآثر المحبوب على ما سواه ، وباشر اوامره واجتنب نواهيه [واختارهما على كلّ شى ء غير هما]. و اذا استقام على بساط الانس بالمحبوب مع اداء اوامره واجتناب نواهيه وصل الى روح المناجاة [والقرب ].
ومثال هذه الاصول الثّلاثة : كالحرم والمسجد والكعبة . فمن دخل الحرم امن من الخلق ، ومن دخل المسجد امنت جوارحه ان يستعملها فى المعصية ، ومن دخل الكعبة امن قلبه من ان يشغله بغير ذكر اللّه تعالى .
فانظر ايّها المؤمن ! فان كانت حالتك حالة ترضاها لحلول الموت فاشكر اللّه تعالى على توفيقه وعصمته ، وان تكن الاخرى فانتقل عنها بصحّة العزيمة واندم على ما قد سلف من عمرك فى الغفلة ، واستعن باللّه تعالى على تطهير الظّاهر من الذّنوب وتنظيف الباطن من العيوب ، واقطع رباط الغفلة عن قلبك واطف نار الشّهوة من نفسك .