- قال أمير المؤمنين رضى الله عنه: اللهم اغفر رمزات اللحاظ، وسقطات الالفاظ، وشهوات الجنان وهفوات اللسان.
أقول: اللهم اصله يا الله عند البصريين والميم عوض عن حرف النداء، ولذلك لا يجتمعان وهو خصائص هذا الاسم كدخول يا عليه مع لام التعريف وقطع همزته وتاء القسم فلا يقال مثلا: زيدم ورحمانم كما لا يقال: يا الرحمن وتا الرحمن، وعند الكوفيين اصله: يا الله امنا بخير اي اقصد لنا بخير فحذف النداء ونزعت الهمزة من ام ووصلت الميم بالهاء فحذف ما يتعلق بام من بام من المفعولين احدهما الضمير والاخر بخير طلبا للتخفيف لكثرة الاستعمال، والغفر التغطية والستر وبابه ضرب، والرمزات جمع رمزة وهى الاشارة بالشفتين والحاجبين والمراد ههنا مطلق الاشارة بقرينة الاضافة، واللحاظ بفتح اللام مؤخر العين، والسقطات جمع السقطة بالفتح وهو العثرة والزلة، والالفاظ جمع اللفظ وهو اسم لا مصدر، والشهوات جمع الشهوة وهى معروفة، والجنان بالفتح القلب، والهفوات جمع الهفوة وهى الزلة. يعنى - يا الله استر بفضلك العميم ولطفك العظيم عيب ما صدر من العين واللسان ونقص ما ورد مما لا ينبغى على الجنان انك انت الرؤوف الرحمن المحسن المنان، وهذا الدعاء يحتمل الخصوص له - رضى الله عنه - والعموم له ولجميع المسلمين، والعموم أنسب لظاهر كلامه وأوفق بعلو شأنه وأهم مرامه، فانه موصوف بايصال الخير الغير ومعروف بارادة النفع لجميع المسلمين، ولعل وجه تخصيص هذ الاعضاء بالذكر هو ان هذه الاعضاء كالاصل والمدار لسائرها وذلك ان القلب مدار لصلاح البدن وفساده بدلالة قوله صلى الله عليه (وآله) وسلم ان في البدن مضغة إذا صلحت صلح البدن وإذا فسدت فسد البدن، والا وهى القلب، وان اللسان مع كونه أصغر جرما أكبر، جرما لظهور الكبائر منه نصا ومن غيره دلالة، وان العين كالعين لسائر الاعضاء تتجسس وتتفحص لها وتفعل هي ما تفعل بسببه ، والله اعلم.