يقول أميرالمؤمنين(عليه السلام) في خطبته القاصعة (الّتي تعتبر أكبرخطبة في نهج البلاغة):«أَنَا وَضَعْتُ بَكَلاَكِلِ الْعَرَبِ، وَكَسَرْتُ نَوَاجمَ قُرُونِ رَبِيعَةَ وَمُضَر»َ.وَقَدْ عَلِمْتُمْ مَوْضِعِي مِنْ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) بِالْقَرَابَةِ الْقَرِيبَةِ، وَالْمَنْزِلَةِ الْخَصِيصَةِ: وَضَعَنِي فِي حِجْرِهِ وَأَنَا وليدٌ يَضُمُّنِي إِلَى صَدْرِهِ، وَيَكْنُفُنِي فِي فِرَاشِهِ،وَيُمِسُّنِي جَسَدَهُ، وَيُشِمُّنِي عَرْفَهُ، وَكَانَ يَمْضَغُ الشَّيْءَ ثُمَّ يُلْقِمُنِيهِ، وَمَا وَجَدَ لِي كَذْبَةً فِي قَوْل، وَلاَ خَطْلَةً فِيفِعْل.وَلَقَدْ قَرَنَ اللهُ تَعَالَى بِهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) مِنْ لَدُنْ أَنْ كَانَ فَطِيماً أَعْظَمَ مَلَك مِنْ مَلاَئِكَتِهِ يَسْلُكُ بِهِ طَرِيقَ الْمَكَارِمِ، وَمَحَاسِنَ أَخْلاَقِ الْعَالَمِ، لَيْلَهُ وَنَهَارَهُ،وَلَقَدْ كُنْتُ أَتَّبِعُهُ اتِّبَاعَ الْفَصِيلِ أَثَرَ أُمِّهِ، يَرْفَعُ لي فِيكُلِّ يَوْم عَلَماً مِنْ أخْلاقِهِ، وَيَأْمُرُني بِالإقْتِدَاءِ بِهِ.وَلَقَدْ كَانَ يُجَاوِرُ فِي كُلِّ سَنَة بِحِرَاءَ، فَأَرَاهُ وَلاَ يَرَاهُ غَيْرِي، وَلَمْ يَجْمَعْ بَيْتٌ وَاحِدٌ يَوْمَئِذ فِي الاِْسْلاَمِ غَيْرَ رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) وَخَدِيجَةَ وَأَنَا ثَالِثُهُمَا،أَرَى نُورَ الْوَحْيِ وَالرِّسَالَةِ، وَأَشُمُّ رِيحَ النُّبُوَّةِ.وَلَقَدْ سَمِعْتُ رَنَّةَ الشَّيْطَانِ حِينَ نَزَلَ الْوَحْيُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللهِ مَا هذِهِ الرَّنَّةُ؟ فَقَالَ: «هذَاالشَّيْطَانُ قَدْ أَيِسَ مِنْ عِبَادَتِهِ، إِنَّكَ تَسْمَعُ مَا أَسْمَعُ،وَتَرَى مَا أَرَى، إِلاَّ أَنَّكَ لَسْتَ بِنَبِيّ، وَلكِنَّكَ وَزِيرٌ، وَإِنَّكَ لَعَلَى خَيْر».ونذكر هنا حادثة تاريخية تتحدث عن حماية الإمام عليّ(عليه السلام) في شبابه لرَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم):عن أبي عبدالله(عليه السلام) انّه سئل عن معنى قول طلحة بن أبي طلحةلما بارزه عليّ(عليه السلام) يا قضيم؟ قال: ان رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآلهوسلم) كان بمكة لم يجسر عليه أحد لموضع أبي طالب واغروا به الصبيان وكانوا إذا خرج رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) يرمونه بالحجارة والتراب فشكى ذلك إلى عليّ(عليه السلام)فقال: بأبي أنت واُمي يا رَسُولِ اللهِ إذا خرجت فأخرجني معك فخرج رَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم) ومعه أميرالمؤمنين(عليه السلام) فتعرضالصبيان لرَسُولِ اللهِ(صلى الله عليه وآله وسلم)كعادتهم فحمل عليهم أميرالمؤمنين(عليه السلام) وكان يقضمهم في وجوههم وآنافهم وآذانهم فكانوا يرجعون باكين إلى آبائهم ويقولون: قضمنا عليّ، قضمنا عليّ، فسمي لذلك «القضيم».